السبت، 20 أغسطس 2016

أسرع وأسهل وأقوى وأفضل وأخف وأعظم وأذكى برنامج!

أولاً أعتذر عن كتابة هكذا عنوان، إذ ليس من عادتي أبداً الدعاية لمحتوى مواضيعي أو برامجي باستخدام ألفاظ مجلجلة كهذه، بل أن موضوعي هذا يكاد يكون انتقاداً كله لمثل هذه الأساليب وأنماط الفكر المنتشرة في مواقعنا العربية.

كثيراً ما نقرأ مثل هذا العنوان في مواقعنا ومنتدياتنا العربية، فندخل ونقرأ، فنفاجأ بموضوع هزيل عن برنامج هزيل ومكرر لدرجة الغثيان. فإن لم يكن الموضوع مكرراً أو البرنامج هزيلاً فهو قطعاً ليس مبرمجاً بأياد عربية، وهذا يعتبره غالب العرب والمسلمين للأسف مدعاة لسرقته بكل تبجح بوضع الكراك مرفقاً معه. عملاق الداونلووووووود * عملاق تحميل الأفلام حصري * شركة أدوبي أفلست * تم أصطياد القلعه الحصينة للدب الروسي* أطلب أي كراك يصلك خلال 24 ساعه... وهكذا. فإن كان البرنامج من تصميم "مبرمج" عربي، رأيت واجهته تزخر بألفاظ رنانة مثل: جاري حرق الفايروس، تم تدمير الفايروس والله أكبر، انتهى عصر الأنتي فايروس مع هذه الأداة، أخواني إليكم الأداة الرهيبة لحذف الفايروسات العنيدة التي حيرت الكثير... وهكذا. ولا تسأل عن حجوم هذه البرامج والأدوات، فما تفعله برامجي وأدواتي بكيلوبايت واحد فقط، أجد كثيراً من البرامج المشابهة والمكررة تفعل نفس الشيء بحجوم تزيد على 4 ميغا بايت! بل في إحدى المرات وجدت أحد "المبرمجين" العرب وقد رفع أداة يدعي أنها تؤدي نفس عمل أحد أدواتي، وحين استطلعت حجمها وجدته يفوق حجم أداتي ب 800 ضعف!!! ثم بعد ذلك يقوم صاحبها بنفسه بالثناء عليها بمثل عنوان موضوعي هذا:  أسرع وأسهل وأقوى وأفضل وأخف وأعظم وأذكى برنامج!

منذ أن بدأت أنشر برامجي وأدواتي على الإنترنت، وعلى كثرة انتشارها واستخدامها على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، لم يسبق لي أن استخدمت كلمة مجلجلة فضفاضة لوصف عملها. إنما هو وصف مختصر لفائدتها وطريقة استخدامها وكفى، ثم على المستخدم أن يقرر إن كانت تستحق الثناء أم لا، بالرغم من أن الهدف من تصميمها لم يكن تلقي الثناء أصلاً. ويعلم الله أني كثيراً ما أدخل على بعض هذه المواقع فأجدهم يكتبون عني وعن برامجي فيصورون للعالم أني أكبر رجل في العالم سناً وقدراً وذكاءً، وأن برامجي وأدواتي قد فاقت قدرة وكفاءة وذكاء كل برامح الحماية العالمية مجتمعة، فأقول لهم يا أخوان ما هكذا تورد الإبل، فما هذه الأدوات إلا احتياجات فرضها الواقع في حينها، وما أنا إلا مبرمج بسيط وأبسط مما تتخيلون. ولكن عبثاً، سر يا عصام سرقيوة إلى الدنمارك ونحن ورائك!

مثال آخر حول التضخيم والألفاظ المجلجلة ولكن ليس في مجال البرمجة بل في مجال الاختراق!

عالم الاختراق والمخترقين كما يصوره البعض هو عالم مجهول ومظلم مليء بالخرافات كما هو مليء بالعبقرية، أما في رأيي أنا، برغم عدم خبرتي فيه (وأقولها بكل صراحة فرحم الله من علم قدر نفسه) فهو قمة علم الكومبيوتر، وهو يخضع لمنهجية دقيقة، بل أدق مما يتعلمه طلبة الكومبيوتر في الكليات والجامعات، إلا أنه وللأسف فإن البعض يسيئ فهمه حتى ليظنه نوعاً من السحر الذي يمكن تعلمه ببساطة بمجرد تعلم تعويذة أو اثنتين يلقيها على جهاز الضحية كما يلقي الساحر سحره على ضحيته!!!

وجدت أحد "خبراء" الاختراق العرب قد كتب بخط أكبر من أن تستوعبه شاشتي:

إليكم كتاب في تعليم برمجة برامج الاختراق حتى الاحتراف.

كان ذلك "الكتاب" التحفة، كتاباً مكوناً من 8 صفحات فقط! ويزعم كاتبه (الذي لا يجيد حتى الإملاء) أنه يعلم الناس الاختراق حتى الاحتراف (كلمة حتى الاحتراف هذه تضحكني وتبكيني في آن واحد) !!!

يعرض المخترق الفذ الذي يسمي نفسه "العقرب الأسود" في هذا الـ "كتاب" التحفة مثالاً حول استخدام أداة Winsock ضمن لغة Visual Basic لما يسميه هو "اختراق" أو "إحراق" نظام الضحية، ويستخدم في المثال عبارات طنانة ورنانة ومجلجلة حول الاحراق والاختراق والله أكبر وبحمد الله والدنمارك وبلاد الواق واق، بحيث يبدو وكأنه في طريقه إلى تعليم القارئ كيفية صنع قنبلة ذرية أشد فتكاً من قنبلة هيروشيما، وهو لا يعلم حتى ابسط قواعد الإملاء (فضلاً عن علم الاختراق).

هذه النوع من الكتابات المنتشر في عالمنا العربي هو للأسف الذي يجعل من عالم الاختراق (وعلم الكمبيوتر بصفة عامة) يتوارى خلف أستار كثيفة من الغموض والحيرة لدى المبتدئ، فهو يحاول تطبيق هذا المثال فيفشل في كل مرة من تحقيق نتيجة تذكر، لسبب بسيط أن صاحب "الكتاب" التحفة هذا لا أجد وصفاً يليق به إلا كلمة واحدة: جاهل، وأن كتابه المزعوم هذا هو عار على علم الكومبيوتر أساساً، بل عار على اللغة العربية والعرب كلهم فضلاً عن كونه عار على عالم الاختراق!

أحد الفضلاء تفاعل معي مرة فقال لي: "هذه هي العروبة، كل شيء عندهم مضخم ملايين المرات، فقط تذكر ايام حرب الـ67، أقصد حرب تشرين، تذكر كيف كان الإعلام المصري يقول: جيوشنا العربية ستعقد مؤتمر من تل ابيب بعد اقل من ساعة. في حين كان اليهود قد دكوا سيناء وشفطوا الضفة الغربية واغتصبوا الجولان وتربعوا على جنوب لبنان!

هل فعلاً هذا هو حال العرب؟!

هناك 3 تعليقات:

  1. للأسف هذا حالنا يا عصام

    ردحذف
  2. رحم الله امرأ عرف قدر نفسه

    ردحذف
  3. أضحك الله سنك اخى عصام
    فعلا كثيرا ما تمر على هذه العناوين فى الكثير من المنتديات
    و أكثر ما يضحكنى عندما ادخل لاحد المنتديات المشهورة بانها متخصصة فى مجال الامن و الحماية
    فأجد المئات من تلك المواضيع التى تتحدث عنها - العملاق و القنبلة و الخطير و يطلقون هذه الألقاب على برامج لا ترقى ليطلق عليها اسم مكافح فيروسات
    و فعلا فنحن نتكلم اكثر مما نفعل

    ردحذف