مهندس ليبي يتفوق في تصميم البرامج
المقال نشر في صحيفة قورينا بتاريخ 21 سبتمبر 2008
عصام سرقيوة
– مدير ومؤسس شبكة سرقيوة للحماية الشاملة - خبير أمن المعلومات وعضو مؤسس
بالجمعية الليبية لقانون الإنترنت.
منذ متي وأنت تدير موقعك
الخاص وتمارس مهنة البرمجة؟
أمارس البرمجة منذ فترة
طويلة جداً ترجع لعقدين من الزمن قمت خلالها بتصميم الكثير من البرامج غير أني لم
أبدأ في نشر برامجي على الإنترنت إلا مع بداية إطلاق موقعي الشخصي بتاريخ 2007/5/19
و خلال الفترة القصيرة منذ انطلاق الموقع وحتى تاريخ اليوم تجاوز رواده الأرقام
العادية لحركة الدخول إلى المواقع العربية لكي يصل إلى الملايين في مدة زمنية
قصيرة منذ أن بدأ العمل به، وبلغ عدد زيارات الموقع أكثر من 8 ملايين زيارة وأحرز
مراكز متقدمة جداً في إحصائيات ترتيب المواقع العالمية.
ما هي خطوتك القادمة في البرمجة؟
الانتقال كلياً وحصرياً إلى
تصميم برامج مراقبة الفيروسات والبرامج الخبيثة في الوقت الحقيقي، أي التي تستهدف
الدفاع وليس فقط الهجوم.
ما الشيء الذي تتمني أن
تقوم به في المستقبل؟
طبعاً تصميم برنامج
"أنتي فيروس" متكامل منافس للبرامج العالمية للشركات الكبرى، إلا أن هذا
أعتبره حلماً بعيد المنال لما يتطلبه من موارد مادية وبشرية ضخمة يستحيل لشخص واحد
القيام بأعبائه لوحده.
نسمع عن الجهاد الالكتروني ضد
الصهاينة فما هو هذا الجهاد وكيف يكون؟
كثيراً ما أسمع في منتدياتنا العربية والإسلامية عن الجهاد الإلكتروني ضد الصهاينة أعداء الدين، ولكم كنت أسعد حين أقرأ خبراً عن مجموعة من الشباب المسلم تمكنت من اختراق أو تدمير موقع إسرائيلي يجاهر بعداوته الأزلية للإسلام والمسلمين. فقد كان هذا في نظري -لعدم خبرتي في أمور اختراق المواقع- جهاداً يعدل تماماً الجهاد بالسيف بل ويفوقه أحياناً في جلب المصلحة المبتغاة من الجهاد أصلاً. علاوة على إعجابي به لكونه جهاداً إسلامياً راقياً وعصرياً يوافق العصر في عالم تطغى فيه المعلوماتية على كل شيء.
للأسف، وأقول نعم للأسف
فإن أغلب تلك الأخبار التي كنت أقرأها على الإنترنت ما هي إلا محض تمنّي، وأغلبها
ملفق لبث روح الحماسة وشفاء الغليل من العدو، لأن عدونا يفوقنا قدرة على حماية
مواقعه على الإنترنت بشكل لا وجه للمقارنة بينه وبيننا خاصة ونحن نعرف تمام
المعرفة أن الصهاينة هم الغالبية العظمى من ملاك شركات تقنية المعلومات والإعلام
ويسيطرون حتى على المزودات التي تستضيف مواقعنا، ومن جهة أخرى كلنا يعلم بالمستنقع
الذي يغوص فيه معظم شبابنا جرياً وراء الأغاني والفيديو كليب وغيرها من المهازل، تاركاً
العلم والتعلم بشكل لا يتوقع منه أن يصل لدرجة تمكنه من اختراق أقل المواقع
الإسرائيلية حصانة على الإنترنت، ولكن بالطبع لا يعني هذا أنني ألغي تلك المحاولات
الناجحة، فلا أشك في صحة بعضها، ولكنها ليست بذلك الكمّ ولا الكيف الذي يعلن عنه في
المواقع العربية والإسلامية.
نأتي الآن إلى جهاد إلكتروني من نوع آخر، وهو كيل السباب والشتائم واللعنات على الصهاينة في منتدياتنا العربية والإسلامية، وحض المسلمين على كرههم ومعاداتهم والتمسك بأراضينا المغتصبة وحقنا التاريخي فيها. أقول: هذا وإن كان نابعاً عن نية صادقة وقلوب تمتلئ غيظاً شرعياً ضد المغتصبين، إلا أنه لا يعدو كونه صراخاً في واد والعدو في واد آخر، وإلا فما يضير العدو إن كلنا له الشتائم واللعنات في مواقعنا نحن؟ وهل يمكننا أن نسبّه ونشتمه في مواقعه هو؟ كلا لن يسمحوا لنا بالطبع، فإن لم يسمحوا لنا فهل يمكننا أن نفرض على هؤلاء أن يأتوا لمواقعنا ليقرأوا ما نكتبه عنهم؟ وهل مواقعنا فيها ما يجذب مثل هؤلاء ليأتوا فيقرأوا ما نكتب عنهم وما نكيله في حقهم من شتائم؟! كلا، فأغلب مواقعنا ليست إلا للهو والتسلية والأغاني والدردشة، فإن كان فيها مواضيع علمية أو اكتشافات حديثة فهي منقولة في مجملها وبالتالي لا سبب يدعو إسرائيلياً واحداً لزيارة مواقعنا.
نوع ثالث من الجهاد
الإلكتروني، ولا أدري إن كنت سأسميه جهاداً أصلاً.
قرأت في أحد المنتديات
موضوعاً يقول صاحبه ببراءة تثير الضحك والبكاء معاً فإن بجهاز كل منا نجمة إسرائيل
وأن علينا أن نحذف هذه النجمة الملعونة لدلالتها على عدونا الأزلي!!! أقول: هذه
النجمة هي إحدى محارف الخط المسمى (Windings)
المثبت أصلاً في نظام ويندوز والذي يحتوي على رسوم وأشكال يستعان بها في الكتابة. وليت
شعري ماذا يفيد حذف هذه النجمة أو حتى الخط بكامله إلا أن يضيع علينا الأشكال
المفيدة الأخرى التي يتضمنها، بل ما الضير في الاحتفاظ به وعدم استخدام تلك
النجمة؟ فهي ستظل مدفونة داخل أحشاء ذلك الخط حتى يأتي من ينسخها ثم يلصقها في المستند.
كما أن حذف الخط لا يجدي شيئاً في التأثير على العدو ولا في خدمة أية قضية كانت، وإلا
فما الذي يضير الصهاينة أن حذف فلان العربي المسلم نجيمة صغيرة في جهازه! بالطبع
لا أنكر أن حذفه لها هو رسالة يريد أن يبلغها للعدو، ولكن كيف يسمع العدو هذه
الرسالة طالما ظلت قابعة في محيط جهازه ومحيط المنتديات العربية؟ ثم أساساً هل نحن
من صممنا نظام ويندوز الذي يحتوي على ذلك الخط ذي النجمة السداسية؟ بل على أقل
تقدير هل نحن من صمم ذلك الخط؟ كلا ولو كنا كذلك لفرضنا على الصهاينة أن توضع
العلامات الدالة على إسلامنا وعروبتنا ضمن هذا الخط وغيره من خطوط نظام التشغيل
الخاص بنا والمصمم بأيد عربية!
ما هي قصة تلك الصفعات
التي وجهتها ولا تزال توجهها للصهاينة؟
حين بدأت بتصميم موقعي الشخصي
قبل عدة أشهر لم يعجبني البرنامج المرفق بالنظام والخاص بالتعرف على زوار الموقع
فقررت استخدام برنامج أكثر تطوراً، فبحثت عنه كثيراً ثم وجدت برنامجاً آخر، والحقيقة
أنه برنامج ممتاز وفعال يعرض عدد زوار الموقع الحاليين مع تقسيمهم بحسب الدولة
القادم منها الزائر وصورة علم دولته بجانبه.
70 زائراً من ألمانيا
8 زوار من الهند
45 زائراً من الولايات
المتحدة الأمريكية
وهكذا...
وبمجرد تركيبي للبرنامج منذ عدة أشهر، لفت نظري ومن أول وهلة أن هناك زواراً قادمين من فلسطين المحتلة، ولكن وحيث إن مصمم البرنامج الأصلي ليس عربياً ولا مسلماً ولا تهمه قضيتنا من بعيد ولا من قريب، فقد وضع اسم وعلم فلسطين بشكلهما المتعارف عليه دولياً وكما يلي:
إذا كان الزائر قادماً من
تل أبيب أو القدس أو أية منطقة أخرى غير قطاع غزة تظهر بياناته كما يلي:
اسم الدولة: إسرائيل
العلم: (علم إسرائيل ذو
النجمة السداسية)
أما إذا كان الزائر
قادماً من قطاع غزة فتظهر بياناته كما يلي:
اسم الدولة: منطقة غزة
العلم: (علم دولة فلسطين
المعروف)
لا أخفيكم القول إن مجرد
ورود اسم إسرائيل وظهور علم كيانها الغاصب في موقعي الشخصي كان كفيلاً برفع درجة
حرارة جسمي من فرط الغيظ، فكيف بإسرائيلي قادم من القدس (قدسنا وقبلتنا الأولى) ويقول
البرنامج إنه قادم من دولة إسرائيل؟!!
عندها قررت التدخل لتصحيح
الوضع، على الأقل في محيطي الصغير عالمي الصغير المسمى موقعي الشخصي، فأنا مسؤول
عنه وعن كل شاردة وواردة فيه وهو كل ما أستطيع عمله على كل حال، ولذلك قمت بتعديل
البرنامج ليتناسب مع كون الموقع موقعاً خاصاً بعربي مسلم يتحدث باللغة الإنجليزية
(لغة المعلوماتية اليوم) ليوصل الرسالة لكل من يقرأ بالإنجليزية (ومن بينهم
الصهاينة طبعاً)
قمت طبعاً بتعديل
البرنامج فأصبح الوضع كالتالي:
إذا كان الزائر قادماً من
قطاع غزة تظهر بياناته كالآتي:
الدولة : فلسطين الحرة
العلم : (علم دولة فلسطين
المعروف)
أما إذا كان الزائر قادماً من تل أبيب أو غيرها مما عدا قطاع غزة فتظهر بياناته كالآتي:
الدولة : فلسطين المحتلة.
العلم : (علم دولة فلسطين
المعروف)
وبذلك قمت بحذف اسم دولة
إسرائيل تماماً، وحذف علم كيانها تماماً بحيث تظهر بيانات الزائر أنه قادم من
فلسطين بغض النظر عن كونه إسرائيلياً أو فلسطينياً المهم أنه يقوم بزيارة الموقع
من تلك الأماكن.
سيقول البعض وما الذي يضير
الصهاينة في وضعي لاسم فلسطين وعلم فلسطين بدلاً من اسم كيانهم وعلمه في موقعي الشخصي؟
أقول: وما الذي يضير
الصهاينة في حذف نجيمة داخل خط من خطوط ويندوز بجهاز قابع في غرفة لشخص عربي مسلم
لا يعلم به أحد؟ وما الذي يضير الصهاينة في كيل الشتائم وصب اللعنات لهم في منتدياتنا
العربية والإسلامية طالما هم لا يأتون ليسمعوا؟
طبعاً الموقف بالنسبة
لموقعي يختلف!!!
موقعي هو أول موقع عربي مختص بتقنية المعلومات يحوي فقط (وأقول فقط) برامج من
تصميم صاحب الموقع نفسه، وهو أول موقع عربي يأتي الإسرائيليون لزيارته للاستعانة بالبرامج
الموجودة به، ولو أن موقعي هو موقع نكرة من تلك المواقع التي تغص باللهو والأغاني ولا
يوجد به شيء يفيد ذلك الإسرائيلي لما قام بزيارته أصلاً، ولما وصلت الرسالة، ولكني
ببرامجي التي أصممها وأنشرها بموقعي فرضت عليه بالقوة أن يأتي لموقعي ليقوم بتحميل
أحد برامجي لأن فيه الحل لمشاكله بعد أن بحث طويلاً ويئس من الحل، وحين يأتي ويرى
اسم دولته وعلمها تظهر بموقعي باسم دولة فلسطين وعلمها يدرك أننا كعرب ومسلمين لا
نعترف بكيانهم الغاصب ولا نقيم لهم وزناً بل ونفرض عليهم أن يأتوا زحفاً لمواقعنا
طالبين المساعدة لحل مشاكلهم فنعطيها لهم مجاناً ولكن ليس قبل أن يتلقوا
صفعة تهزهم هزا.
هذا هو الوضع الذي كنت
أحلم به وأتمنى أن يكون هو الوضع القائم لكل مواقعنا العربية، وأستطيع القول إنني حققت
حلمي بشكل أو بآخر في قلب الوضع القائم.
في رأيي كان هذا جهاداً إلكترونياً حقيقياً صامتاً أقوم به من خلال موقعي بشكل تلقائي كل يوم مبلغاً وجهة نظري ورأيي وموقفي من كيانهم الغاصب بلا مظاهرات ولا عنتريات ولا صراخ ولا شتائم ولا كيل للعنات، بل بشيء واحد، هادئ ورزين ومؤثر... إنه العلم.
ولكن حتى هذا اليوم كنت أظن أنني أحلم لوحدي، أو أبني قصوراً في الهواء برسالة لم تصل أصلاً أو وصلت ولم تؤثر، فليس من إسرائيلي حين جاء لموقعي ورأى علم دولته واسمها قد تبدل أثر فيه ذلك أو أحسّ بالإهانة لذلك! ولكن ما حدث معي اليوم أثبت أن رسالتي تلك وصلت وأثرت وبكل ما تحويه الكلمة من معنى!
لي صديق روسي من أصل
بلجيكي في منتديات "كاسبرسكي" يحبني كثيراً ومن شدة إعجابه ببرامجي التي
أصممها يقوم بالدعاية لها في منتديات "كاسبرسكي" وفي جميع المنتديات
التي يشارك بها ومن بينها منتدى روسي. قبل أيام نشر صديقي هذا موضوعاً عن برنامج من برامجي
بذلك المنتدى مبيناً فوائده وطريقة استخدامه.
ولكن لم تمض عدة أيام حتى
جاءتني رسالة من صديقي هذا تخبرني أن الموضوع قد حُذف!!!
يمكن أن ينسب البعض سبب
حذف الموضوع لعدم قبول ذلك المنتدى إعلانات لمواقع أخرى ضمن موقعه -وهو الوضع
الطبيعي- ولو كان ذلك هو السبب لما أتعبت نفسي بالكتابة الآن لأن مواضيع كثيرة لي حذفت
من منتديات عربية لنفس السبب وهو عدم قبول استغلال موقعهم في الدعاية لمواقع أخرى
متناسين أن مواقعهم تعج بالدعاية والإعلان للأغاني واللهو والعبث، أما البرامج
النافعة والعلم الجيد فلا، والقليل فقط من المواقع العربية هي التي قبلت وضع
برامجي ضمنها عن طيب خاطر وكان هذا تصرفاً جديراً بالاحترام ويدل على وعي وقدرة
على الحكم على الأمور واستعداد فطري لتشجيع المبرمجين العرب وعدم تثبيط عزائمهم.
الحقيقية لم يكن ذلك هو
السبب، فقد أخبرني صديقي الروسي أن أحد المشرفين هناك جنسيته إسرائيلية أو له
علاقة بإسرائيليين وأنه قال وبالحرف الواحد: إن البرنامج الذي وضعه صديقي هو من
تصميم مبرمج عربي مسلم معروف عداء الإسرائيليين له بسبب أنه يبدل في موقعه اسم دولة إسرائيل
وعلم إسرائيل باسم فلسطين وعلم دولة فلسطين، الأمر الذي يعد إهانة لكل إسرائيلي، وعليه
يمنع منعاً باتاً وضع أدوات لذلك المبرمج ضمن موقعهم أو وضع روابط لموقع المبرمج
في أي موضوع.
ما كان شعورك عندما علمت
بحذف موضوعك ومنعك من المشاركة؟
أصدقكم القول، لأول مرة
في حياتي لم أحزن أو أغضب لحذف أحد مواضيعي من منتدى ما، بل بالعكس غمرني فرح عظيم
لأنني علمت أن الرسالة قد وصلت، وصلت كما أريدها تماماً!
ما هو شعورك بعد أن أثرت غضب
الصهاينة؟
طبعاً الشعور لا يوصف، هو خليط بين زهو الانتصار وشفاء الغليل، فالإحساس بحاجة عدوك إليك هو شعور أتمنى لكل عربي مسلم أن يشاركني فيه في مجال تخصصه.
كلمة أخيرة تقولها لنا؟
أملي في الله كبير أن تظل
رسالتي تصل إليهم كل يوم بإذن الله وأن يوفقني الله إلى تصميم برامج أكثر تطوراً لعلمي
أن أولئك المغتصبين الأنجاس لا زالوا يأتون وسيأتون إلي موقعي شاؤوا أم أبوا
ليستفيدوا من برامجي ولكن ليس قبل أن يتلقى كل واحد منهم صفعة على وجهه! أما غيرهم
عرباً كانوا أم عجماً، مسلمين أو غير مسلمين، عبريين أو يهود ما لم يكونوا مغتصبين
لأرضنا أو داعمين لهم فهم على الرحب والسعة يأخذون من برامجي ما طاب لهم مع
الترحيب ثم أعتذر وآسف إن كنت خيبت أمل أحدهم ولم يساعده أحد، برامجي المتواضعة
باذلاً كل ما في وسعي لخدمتهم جميعاً وعن طيب خاطر.